في
حول صحافة القرب... صحافة المستقبل
هل تهدد الوسائط الحديثة مستقبل الصحافة المكتوبة؟
تونس خاص / تحرير قمودة براس
التأمت الندوة السنوية الأولى لمجلة مرآة الوسط حول محور «صحافة القرب... صحافة المستقبل» يوم الجمعة 22 ماي 2009، واشرف على افتتاحها السيد رافع دخيل وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين وبحضور الإطارات الجهوية بسيد بوزيد، في مقدمتها السيد محمد فوزي بن عرب والي الجهة وعدد كبير من رجال الثقافة والإعلام ومديري إذاعات قفصة وصفاقس وتطاوين وممثل عن إذاعة المنستير وممثلي وسائل الإعلام التونسية من صحافة مكتوبة وإذاعات وقنوات تلفزية... وقد انطلقت الاحتفالية التي احتضنها المركب الثقافي والشبابي لمدينة سيدي بوزيد بتدشين السيد الوزير للمعرض الوثائقي حول مسيرة المجلة، منذ أن تأسست في بداية الثمانينات من القرن الماضي وكانت تصدر في شكل جريدة محلية في 16 صفحة على الورق الأبيض بلونين فقط مرورا بمختلف المراحل التي مرت بها إلى أن استقرت منذ حوالي عشر سنوات في شكل مجلة شهرية ملونة تصدر بانتظام كل شهر.
كما تضمن المعرض مجموعة من إعداد مجلات جهوية أخرى لم يكتب لها الدوام والاستمرار وصدرت في فترات مختلفة من تاريخ الصحافة التونسية مثل مجلة مرآة الساحل ومجلة الشعابني ومجلة تعاضد وثقافة التي كانت تصدر بقفصة في فترة الستينات من القرن الماضي، ومجلة الوعي التي صدرت بسيدي بوزيد في بداية السبعينات ولم يكتب لها الاستمرار. وتضمن المعرض كذلك صورا مكبرة لمجموعة من رسائل سيادة الرئيس زين العابدين بن علي إلى أسرة مجلة مرآة الوسط تؤكد ما تحظى به هذه المجلة من تشجيع ساعدها على شق طريقها بنجاح.
شريط وثائقي
وبعد تدشين المعرض من قبل السيد وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين وما ابداه سيادته من اهتمام بمختلف المراحل التي مرت بها المجلة شاهد الحاضرون شريطا وثائقيا في خمسة عشر دقيقة أعده المنشط الثقافي عبد الستار منافقي، قدم أهم المحطات في مسيرة مرآة الوسط منذ تأسيسها،وتوقف هذا الشريط طويلا عند مرحلة التميز في حياة المجلة وهي المرحلة التي تلت تحول السابع من نوفمبر 1987، حيث عرفت المجلة انطلاقتها الحقيقية في إطار ما عرفه المشهد الإعلامي والصحفي في تونس في دعم وتشجيع بعد تغيير السابع من نوفمبر.
مدير المجلة، نحن مدينون لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي بنجاحات مرآة الوسط
المدير المؤسس لمجلة مرآة الوسط الأستاذ محمود الحرشاني القى كلمته في بداية اللقاء، رحب فيها بالسيد الوزير والسيد والي سيدي بوزيد وكل الإطارات الجهوية الحاضرة والوجوه الإعلامية والثقافية وملاحظا أن هذا اليوم هو يوم عظيم في تاريخ مرآة الوسط يحتفل فيه الجميع بمرور ثمان وعشرين سنة على صدور هذه المجلة التي اختارت الطريق الصعب وبين أن مجلة مرآة الوسط وكامل أسرتها يرفعون صادق عبارات الشكر والامتنان إلى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي الذي أغدق على هذه المجلة كل مظاهر التشجيع ولاحظ أن الانطلاقة الحقيقية لمرآة الوسط كانت مع بداية عهد التغيير المبارك فجر السابع من نوفمبر، وبين أن مرآة الوسط كادت تعصف بها الأيام لولا تشجيع الرئيس الذي مدّ يد المساعدة إلى هذه المجلة وانقذها من الاندثار والتلاشي، وهي اليوم تواصل صدورها متجاوبة مع توجهات عهد التغيير المبارك الذي عرفت فيه تونس احلى النجاحات على جميع المستويات، وبين انه رغم الظروف الصعبة التي عرفتها مرآة الوسط فانها لم تسف ولم تخف بل حافظت على توازنها وعلى خطها التحريري الذي يضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، يجمع ولا يفرق، ينشر ثقافة التسامح والاعتدال وحب الوطن.
الوزير يشيد بنجاحات مرآة الوسط
توجه السيد رافع دخيل وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس لنواب ومجلس المستشارين في مستهل كلمته بتحية إلى أسرة مجلة مرآة الوسط التي تحتفل بالذكرى السنوية الثامنة والعشرين لصدورها. وهنأ أسرة المجلة على النجاحات التي حققتها وفي مقدمتها استمرارها في الصدور وتطورها المستمر وتفتحها على محيطها ولاحظ أن مرآة الوسط مجلة ناجحة على جميع المستويات وهي تساهم بفاعلية في الحراك الثقافي والإعلامي في إطار ما يشهده المشهد الإعلامي التونسي من حراك ودفع بفضل الإرادة السياسية الكبيرة لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي وأكد ما يميز الإعلام التونسي اليوم من تميز وجرأة وثراء في المضامين .
المداخلات العلمية في الندوة «صحافة القرب.. صحافة المستقبل»
اشتمل برنامج الندوة العلمية التي نظمتها المجلة حول محور «صحافة القرب... صحافة المستقبل» على ثلاث مداخلات ومجموعة من الشهادات وقدم هذه المداخلات كل من عبد العزيز شباب (باحث في شؤون الاعلام) ومدير إذاعة قفصة سابقا ومديرة المركز الجهوي للتوثيق والإعلام بقفصة والمديرة الإدارية لجمعية قدماء المدرسة العليا للبستنة بشط مريم.
في مداخلته التي قدمها، أكد الأستاذ عبد العزيز شباب أن الصحافة المكتوبة التي هيمنت طويلا على المشهد الإعلامي والاتصالي هي اليوم مهددة أمام دخول وسائط إعلامية جديدة مثل الانترنت التي اتاحت الفرصة لما يسمى بالصحافة التشعبية أو صحافة المدونات ونقل الخبر بسرعة ونشر الصورة، وكذلك الهاتف الجوال الذي أصبح يختصر أحداث العالم في ما يسمى بالارساليات القصيرة، هو ما يهدد فعلا مستقبل الصحافة المكتوبة، وهناك اليوم من يتنبأ بأنه في السنوات القادمة سوف تختفي الصحافة المكتوبة نهائيا من العالم.
وبين أن الصحافة المحلية بامكانها أن تصمد لوقت أطول لأنها صحافة تعيش مشاغل الناس الصغيرة، وهو ما نجحت فيه عدة مجلات جهوية في العالم حيث أن سحبها يفوق أحيانا سحب الصحف التي تصدر من العواصم. ولاحظ المحاظر أن الصحافة الجهوية تنجح وتستمر كلما اتصقت أكثر بجهتها. كما لاحظ انه أصبح اليوم متاحا بعث ما يسمى بالصحف الالكترونية المحلية عن طريق الانترنت... فبامكان المؤسسات التربوية والبلديات والجمعيات أحداث صحف إلكترونية دون أن يكلفها ذلك مجهودا كبيرا.
المداخلة الثانية قدمتها مديرة المركز الجهوي للتوثيق والإعلام بقفصة وعرفت فيها بهذا المركز والخدمات التي يوفرها للاعلاميين، والباحثين من خلال توفير مجموعة من الوثائق الصحفية والصور عن أحداث عرفتها الجهة، واكدت أهمية التوثيق في العمل الصحفي بشكل عام، وبينت أن المركز رغم حداثة بعثه بأنه يقوم بعدة أنشطة مثل إقامة معرض بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للوثائق وعرض مجموعة من الوثائق القديمة مثل أول نسخة للرائد الرسمي، وكذلك إعداد عدة ملفات صحفية عن أنشطة شهدتها ولايات الجنوب الغربي.
محاضرة الأستاذ محمود الحرشاني تحدث فيها عن أهمية الصحافة الجهوية وبين أن هذه الصحافة لها خصوصيات كثيرة اهمها أنها صحافة لصيقة بواقع الجهة وهي متفتحة على محيطها الصغير الذي لا يجد عادة حظه في الصحافة التي تصدر من العواصم، كما بين أن ما تنشره الصحافة الجهوية يختلف كثيرا عن المراسلات الجهوية التي تنشرها الصحف المركزية.
وأكد أن الصحافة الجهوية تحتاج إلى حماس أبناء الجهة لكي تستمر في الصدور فصحافة القرب هي صحافة المستقبل بامتياز وبامكان الصحافة المحلية أو صحافة القرب أن تستفيد من التقنيات الحديثة في مجال وسائط الاتصال وأكد أن موقع مجلة مرآة الوسط على الانترنت على سبيل المثال هو موقع ناجح بامتياز، وهو ما شجع على بعث منتدى أول ومنتدى ثان لأصدقاء المجلة على شبكة الانترنت وهو ما ساعد على ايصال محتوى المجلة إلى قارئ جديد تبحث عنه خارج حدود الوطن رغم أن ذلك لا يفيد المجلة كثيرا.
وقدمت المداخلة الرابعة في الندوة المديرة الإدارية لجمعية قدماء المدرسة العليا للبستنة بشط مريم التي عرفت بمشروع فلاحي ترعاه الجمعية حول محور الجينات بالتعاون مع البنك التونسي للجينات.
هذا وشهد الاحتفال تكريم مجموعة من الوجوه الإعلامية والثقافية ومن بين أسرة المجلة الذين واكبوا انطلاقتها الأولى منذ صدورها سنة 1981.