في كتابه الجديد محمود الحرشاني يركب ظهر صاحبة الجلالة
بقلم محمد الصادق عبد اللطيف
كاتب وباحث في شؤون الثقافة
ما يزال الصحفي محمود الحرشاني يمتطي صهوة جواد (صاحبة الجلالة) (السلطة الرابعة) يركبها لينقل لعشاق قلمه وترحاله (حضوره ومساهماته وإنتاجه ولقد عوّدنا وعوّد قرّاءه بكتاب جديد يظهر في الساحة الثقافية والإعلامية كل سنة تقريبا فيه حصاد ما جال بقلمه وفكره وما جاء على ورقه في مختلف المحامل والصحف والدوريات، وهاهو في مطلع هذه السنة يصدر كتابا جديدا اختار له اسم دفتر سفر .
من العنوان يمكن أن نفهم ماذا يقصد وما كان يريد تبليغه لجمهور قرائه وعشاق قلمه. إن ذكرياته في هذا الأثر الجديد يمكن اختزالها في المضامين التالية.
. السيرة ذاتية، وقد اقتفى فيها من سبقه من إعلام الفكر والثقافة مشرقا ومغربا ولنا في أيام طه حسين خير مثال وسيرة الحكيم وذكريات احمد أمين وغيرهم. لقد حاول الحرشاني في هذا الجزء تقديم حياته بمختلف تفاعلاتها البيئية والعائلية والتعلمية والمهنية والترحال والترجمة الذاتية في أي مجال تقوم على الصدق وإلا انعدمت الحقيقة إذا جافاها الضباب والتخفي، وما طرحه الحرشاني في هذا الجزء يمكن من عاشره وعاش معه أن يقف على حقيقة هذه الحقبة ، أما القارئ البعيد مثلي فلا هو مؤهل للحكم على صدقها أو عدمه بقدر ما يهمني منه الطرح والتسلسل وتقديم الأحداث في لهجة يشتم منها الصدق والوفاء والحقيقة المطلقة.
. أدب الرحلات، وقد احتذى في هذا الجانب ما كان قد سبقه إليه أعلام كالتيجاني واليعقوبي وابن حوقل والادريسي وابن خلدون حيث عشنا معه في محطات وعرفنا معدن الرجل وسجيته خارج الوطن.
. ولا نعدم في هذا الكتاب من لقاءاته مع أصدقائه وخلانه خارج الوطن في مؤسسات لطيفة وذكريات عزّ مثلها اليوم في العلاقات الاجتماعية بين الأشخاص والمعارف والأصدقاء.
إن محمود الحرشاني يجمع في هذا الكتاب بين الثقافي والخلاني والسياسي، ولست أدري ايهما الصق لنفسه وأبين، ولكني أجمع تلك الصفات الثلاث في شخصيته ولا يمكن التفريق، وقد حافظ على نسق إنتاجه ونقل المعرفة، وتمكنه من فن المقال وخصوصيات الوصف، فجاء الكتاب سفرا ينقل قارئه إلى عوالم ثلاث:
1. الذات وما تحمله من تتطلعت.
2. الرحلة وما تضيفه للمرحل.
3. الاخوانية وما فيها من صدق
وكقارئ لهذا الكتاب اثني على صاحبه وعلى قوة ذاكرته وقلمه وعلى ما يمكن أن يضيفه للساحة الثقافية لو تخصص في التراجم الأدبية والدراسة بدءا بما في محيطه إلى الأوسع وتلك هي الصفة التي تبقيه للأجيال في طيها فتستجيب له على مر العصور وذاك هو الخلود.