أحب أن افهم
بماذا فرض محمود الحرشاني وجوده في الساحة العربية؟
بقلم محمد الحبيب السلامي
وصلني منذ مدة كتاب فيض الوجدان للصديق والزميل الإعلامي محمود الحرشاني فذكرني بصلتي الأولى به فقد كنت منتجا لبرنامج المجلة الثقافية بإذاعة صفاقس، وكان من أركان المجلة ركن المراسلين بالجنوبين التونسي الشرقي والغربي ومن هؤلاء محمود الحرشاني الذي كان ينقل بلسانه أخبار الثقافة بسيدي بوزيد وولاية سيدي بوزيد وقتها بدأت تسير في طريق إثبات ذاتها ووجودها.. وهذا إذا رجعنا فيه إلى التاريخ وجدناه في صفحات نهاية السبعينات من القرن العشرين، وهذا يعني أن صديقنا بدأ إعلاميا هاويا في الستينات وأصبح وأمسى صحفيا محترفا سنة 1981.
وإذا قلت أن صديقنا ولد قلمه بولاية سيدي بوزيد فانا أقول صدقا ففيها نما كما نمت وفيها كبر كما كبرت وأنا اشهد أن ولاية سيدي بوزيد كبرت لأنني عرفتها وهي جزء من ولاية قفصة، وعرفتها يوم أرادوا أن يسموها ولاية قمودة، وعرفتها وليس فيها من عناصر المدينة إلا القليل، ولكن الذي يزورها اليوم يشهد أنها مدينة يستطاب فيها العيش، والذي يتصفح الكتب التي ألفها محمود الحرشاني وجمع فيها مقالات من مقالاته مثل كتاب فيض الوجدان يلاحظ أن صديقنا طال واستطال قلمه وامتد نهر حبره وحطت حروفه في صحف تونسية كبرى وفي مجالات عربية لها في عالم الثقافة اسمها ووزنها مثل العربي الكويتية وأخبار الأدب المصرية فقد كبرا معا.
إن الذي يطالع كتاب فيض الوجدان لا يتوقف طويلا مع مقالاته السياسية والثقافية لأنه طالعها عبر الصحف ولكنه يتوقف مع قلم محمود الحرشاني وهو يؤسس صداقة مراسلة مع الأديب المصري الكبير عبد المنعم خفاجي ويرسل له بطاقة العضوية برابطة الأدب، وصداقة مراسلة الأديب جمال الغيطاني صاحب مجلة أخبار الأدب... إن الذي يطالع الكتاب يعلم ويرى محمود الحرشاني الذي بدأ مراسل إذاعة جهوية يكتب المقالات لتنشر في مجلة العربي وما أدراك ما هي؟
أنا طالعت ذلك وتوقفت مع ذلك وسألت نفسي كيف كبر محمود الحرشاني وصار يدعى إلى ندوات ثقافية دولية فيحضر ويلتقي بإعلام الثقافة كما حصل ذلك في الدورة التي نظمتها مؤسسة البابطين بفاس المغربية وحملت اسم أبي القاسم الشابي ولم يكن محمود من الأساتذة الجامعيين وكبار الإعلاميين في وسائل الإعلام الكبرى في تونس؟
ما سألت نفسي ذلك السؤال وما تساءلت لأنني أرى أن محمود الحرشاني هو اصغر من أن يتراسل مع أؤلئك أو يدعى لندوات كبرى ولكنني سألت وتساءلت كيف استطاع محمود الحرشاني أن يثبت وجوده في الساحة الفنية الإعلامية العربية ويفسح له الآخرون في مجالسهم فيأخذ بينهم مقعدا ومجلس صداقة ومراسلة؟
كيف استطاع أن يحقق محمود الحرشاني ذلك وغيره من أصحاب القلم في الصحافة والتأليف والمحاضرات من التونسيين لم يحققوا لأقلامهم مكانا مثل الذي حققه صديقنا؟
هل يكون بسبب ذلك أن الحرشاني وجد نفسه في السنوات الأولى من عمر نمو ولاية سيدي بوزيد وحده وكان عليه أن يكتب ويكتب وحده عن سيدي بوزيد في كل شيء فانفتحت في وجه قلمه لوسائل الإعلام التونسية تسأله كل يوم عن أخبار سيدي بوزيد؟
هل يكون سبب ذلك أن محمود الحرشاني كان في مدينته وولايته قريبا من السلطة فكان قريبا من الثقافة وقلما من أقلام الثقافة حاضرا مع كل من يزور الولاية من إعلام الثقافة والسياسة وهو الصحفي المحترف وصاحب مجلة مرآة الوسط.
هل يكون سبب ذلك أن صديقنا أحب الأدب والثقافة كما أحب السياسة فلما لم تعطه السياسة شيئا اختار أن يمد يده لحصاد الثقافة وان يأخذ مكانا تحت شجرة الثقافة يستظل بظلها ويقول كلمته في منتداها؟
هل يكون سبب ذلك أن زميلنا وصديقنا في صالون الصريح كثير الطموح، صاحب عزيمة، وذو نفس طويل وهو ما قد لا يوجد عند غيره من أصحاب الأقلام الذين يكتبون ولا يخطئون ولا تصاب سطورهم بعثرات، فتحرك ووصل وسافر جسدا وسافر قلما وإن كان يعثر أحيانا وبقي غيره في بيته؟
اعتقد أننا سنرى ثمرات قلم محمود الحرشاني تتوالى وأرجو أن تسلم من الأخطاء المطبعية وغيرها، واعتقد أننا سنراه قد اتخذ لنفسه مكانا في صحف ومجلات عربية وفي ندوات عربية أخرى، والذي يحب أن يكون مثله ويكون معالي الوزير على خطه الهاتفي لا يحسده ولكن يسأله ويقول له: علمني وأخبرني كيف وصلت؟ أسأل وأجب وافهم.
[center]