من دفتر السّفر
بقلم:محمود الحرشاني
روسبينا﴿1﴾...ذاكرتي
اعتدت في كل صائفة أن أقضي مابين أسبوع و أسبوعين في مدينة المنستيرالساحلية،التماسا للرّاحة، وملاقاة الأصحاب والأصدقاء ، و الواقع أنّي لا أحب تغيير الأماكن التي أرتادها بسهولة، فلكلّ مكان مكان في قلبي، أرتبط معه بذكريات،خصوصااذا ما شعرت في هذا المكان بالرّاحة التي أبحث عنها. ومدينة المنستير مدينة جميلة و صغيرة، و من طبعي لا أحب المدن الكبيرة التي لا تهدأ فيها الحركة ، وهي أيضا مدينة مريحة و لا أشعر فيها بالضيق أو الملل..فهناك أشياء كثيرة يمكن رؤيتهافي هذه المدينة ، فضلا عن التمتع بالسياحة على شواطئها العديدة مثل شاطئ القراعية و لافلاز و صقانس ، و التنعم بجمال رمالها الذهبية ،و لا تشعر أبدا في المنستير أنك غريب عن الأهل والديار، فسرعان ما تندمج سهولة في أجواء هذه المدينة و يتلقاك أهلها بالترحاب..
و لقد أصبح لي بحكم ترددي عدة سنوات على هذه المدينة، أصدقاء كثيرون أسعد بملاقاتهم و مجالستهم و قضاء أوقات ممتعة معا.و اعتدت أن أقسم يومي على فترات، بحيث لاأظلم العائلة التي جاءت معي طلبا للرّاحة، و لا أحرم نفسي من مجالسة الأصدقاء.. فعادة ما أخصص الصباحات للجلوس في أحد المقاهي الذي يرتاده الأصدقاء، حيث يلتأم مجلسنا، الصديق محمد البدري،الشيخ الأديب محمد محسن البواب ، صالح الجدى و غيرهم .
و هذا المجلس هو مجلس معروف، وعادة ما يتخذ لنفسه ناحية في هذا المقهىحيث يدورالحديث حول كل شئ بدءا بأحداث السّاعة و التعليق على ما تنشره الصحف و تبثه الفضائيات الىالحديث عن شؤون الثقافة وأهلها، الى ذكريات صالح الجدّى ، المعلم المتقاعد ، و ترحاله عبر عديد المدن التونسية .و حديث الشيخ محمد محسن البواب، و هو رجل غزير المعلومات ،و لا ينسى أن يذكر لي أنه عاش سنوات في مدينة سيدي بوزيد و أنه يحن الأن الى زيارتها. أمّا صالح الجدى، فهو عادة ما يتخذ لنفسه مكانا في صدارة المجلس ما أن يستفزّه الأصدقاء حتى يسترسل في الحديث بصوت عال و مرتفع ، فيأخذ محمد البدري هاتفه الجوال، و يشرع في التقاط صور تذكارية له، و يتدخل بشير ويطرح علي نفس السؤال الذي ظل يطرحه منذ سنوات، متى ستنشر صورة صالح الجدي في غلاف مراة الوسط ؟ أنه لا يقل قيمة و لا شهرة عن نجوم الغناء والطرب،و يضيف أنا اعدك باقتناء كمية
من المجلة لتوزيعها على الأصدقاء.فيجيبه صديقه عن .. و من يشتري مجلة صوره غلافها هي صورة صالح الجدى ، أتريد للرجل أن يفلس؟ !!
و ينفض المجلس عند الظهر على أن يتواعد الأصدقاء على اللقاء مجدّدا في العشيّة في مقهى آخر من مقاهى المدينة و على عجل يأتي علي الشملي الصحفي و الوجه الأعلامي المعروف أو "العميد" كمــا يسـميه الأصدقاء و الزملاء.. علي، موزع بين الصّحافة و الشعر والعمل بإذاعة المنستير، التي يتوالى بثها بأصوات ألفناها وأحببناها.
فتحية جلاد،علياء رحيم، يافت بن حميدة، ربح عبد اللاوي و عبد العزيز فتح الله صاحب خزائن الألحان..
إنضم الى مجلسنا وقد عاد لتوه من سوريا محملا بمجموعة من التّسجيلات النّادرة لأهل الفن والطرب ليمررها في برنامجه خزائن الألحان .
صدفة و أنا في طريق العودة الى البيت ، التقيت علياء رحيم ،كانت تحثّ الخطى بإتجاه الأذاعة ، و علياء رحيم، كانت تحت الخطى باتّجاه الاذاعة، منشّطة اذاعية جريئة، لها برامج كثيرة في اذاعة المنستير، وهي تتمتّع بحس ثقافي لا غبار عليه، فهي قاصّة وشاعرة ولها كتب منثورة .. سألتني عن اخر الأخبار وعن مراة الوسط، وعن كتابي الجديد .. وقالت وهي تودّعني .. لابدّ أن أراك مجدّدا لتكون ضيفي في برنامج " فرجة وبعد "أو برنامج " عقد الأثير" ولكنّني اعتذرت وعلى غير العادة لم ألتق خلال هذه الصّائفة بصديقي الشّاعر "توفيق حليلة"قال لي الحبيب الزناد أنّه لابدّ أن يكون مختفيا في احدى المقاهي..
سألت هل تزوّج؟
قال لي حبيب الزناد ...لا...
وتوفيق حليلة هو أشهر عازب في عالم الشّعراء، فقد تجاوز الثّلاثين بكثير، وكلّ سنة يقول سأتزوّج هذه السّنة ...ويأتيني صوت يافت بن حميدة المنشّط باذاعة المنستير، توفيق يريد أن يظلّ أعزب على الدّوام .
وأسأل حبيب الزّناد عن جديده، فيقرأ لي من قديمه
عيناك.
زيتونتان... لم تدخلا
التعاضد ... بعد...
روسبينا: الاسم القديم لمدينة المنستير