يوميات الحرشاني
جورج جرداق وهذه ليلتيبقلم محمود الحرشاني
hormahmoud@Gmail.comسمعت لأول مرة باسم الشاعر اللبناني جورج جرداق، عندما غنت له أم كلثوم قصيده الرائع «هذه ليلتي» الذي يقول فيها:
هذه ليلتي وحلم حياتي *** بين ماض من الزمان وآت
كنت في مطلع الشباب، لما غنت أم كلثوم هذه القصيد الرائع، ولم نكن نعرف شيئا عن صاحبه، ولكننا كنا متأكدين أن أم كلثوم لا تغني إلا لكبار الشعراء، فقد كان صوتها كما قال عنه ذات مرة الصحفي الكبير مصطفى آمين هو الجريدة الأوسع انتشارا التي تنشر روائع الشعر العربي بين الناس، فيحفظونه ويرددونه مع أم كلثوم.
وأكاد اجزم أن جورج جرداق لم يكن معروفا قبل أن تغني له أم كلثوم قصيدة «هذه ليلتي» رغم انه كان يشتغل صحفيا في اكبر مؤسسة صحفية لبنانية، وهي دار الصياء التي أسسها الراحل سليم اللوزي...
وحاولت أن أقلد هذه القصيدة عندما كنت في مرحلة نحت شخصيتي ومساري الثقافي والأدبي.
فقد جربت كتابة الشعر، وكتبت عدة محاولات، نشر بعضها في الصحف.. كما كتبت عدة محاولات في القصة القصيرة ونشرت بعضها أيضا في صفحة الأحد بجريدة الصباح في السبعينات التي كان يشرف عليها الزميل والصديق صالح الحاجة، ولكن أدركت أيضا أنني لا استطيع أن أكون كاتب قصة.. فقد تحدد مساري منذ البداية في كتابة المقال الصحفي، فأقبلت على إثراء تجربتي بالقراءة لكبار الصحفيين الذين يكتبون المقال الصحفي والعمود الصحفي تحديدا وهو فن قائم الذات له مواصفاته وأدبياته وقواعده في العمل الصحفي..
بقيت معجبا بالشاعر جورج جرداق خصوصا بعد أن اكتشفت قلمه في مجلة الصياد وكنت أقرا بنهم مقالاته، وهو متمكن من فن كتابة المقال.
ولم أكن اعلم أن القدر سيرتب لي أكثر من لقاء مع هذا الشاعر لنصبح صديقين بعد ذلك.
إلتقيته لأول مرة في الكويت في حفل توزيع معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين الذي أصدرته مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين، وهو عمل جليل أصدرته هذه المؤسسة التي احتفلت مؤخرا بمرور عشرين سنة على تأسيسها.. كان معه مراسل مجلة العربي في لبنان وبعض الأصدقاء الآخرين. وبسرعة اندمجنا، وحدثني كثيرا عن حبه لتونس وشوقه لزيارتها، وتعلقه بشعر الشابي الذي يحبه ثم التقينا مرة ثانية في الإمارات العربية المتحدة.. في دبي تحديدا... وحصلت لنا طرفة.. فقد أردنا ذات مرة أن نتناول طعام العشاء خارج مطعم النزل.. وقصدنا إحدى المطاعم. ولكن المفاجأة التي كانت في انتظارنا، أننا وجدنا كل عملة المطعم من السيريلنكيين، لا يفهمون اللغة العربية، ولا يتكلمون إلا اللغة الإنقليزية. والطريف أنني لم أكن لا أنا ولا جورج جرداق يحسن الكلام باللغة الإنقليزية، ولم نكن نحسن إلا اللغة الفرنسية.. فقد كدنا نغادر المطعم لو لم تسعفنا إحدى العاملات من جنسية مغربية...
وفي الطريق حدثني جورج جرداق عن عديد المفاجآت التي حصلت له في المتاجر نتيجة عدم إتقانه اللغة الإنقليزية..
وعندما زرت لبنان قبل حوالي سبع سنوات، كان الصديق جورج جرداق في مقدمة مستقبلي ضيوف مؤسسته البابطين للإبداع الشعري في دوره الأخطل الصغير.. وقد أخذني الصديق جورج جرداق في زيارة إلى عديد المعالم الثقافية والحضارية في لبنان وحدثني طويلا عن النقلة التي حصلت في حياته بعد أن غنت له أم كلثوم قصيدة «هذه ليلتي وحلم حياتي».