أضواء - كتاب تونسيون يأملون أن تخفف (سنة الكتاب) الاعباء ليتمكنوا من طبع نتاجاتهم - روائيون وشعراء يسردون معاناتهم مع الموزعين والمكتبات - محمود الحرشاني
2003/02/28
أضواء - كتاب تونسيون يأملون أن تخفف (سنة الكتاب) الاعباء ليتمكنوا من طبع نتاجاتهم - روائيون وشعراء يسردون معاناتهم مع الموزعين والمكتبات - محمود الحرشاني
اختيرت سنة 2003 سنة وطنية للكتاب في تونس بما يحمله هذا القرار من حرص علي تطوير نشر الكتاب بمختلف اصانفه والتشجيع علي المطالعة واحداث المكتبات العائلية وينظر المثقفون والكتاب في تونس بكثير من التقدير والامتنان الي هذه المبادرة الجديدة بما يجسم المكانة المرموقة التي تحتلها الثقافة.
واعادة الاعتبار لها وتخليصها من الجمود، ورفع شعار لا لثقافة التهميش ولا لتهميش الثقافة واقرت عديد الحوافز والتشجيعات لفائدة الارتقاء بالنشاط الثقافي من ذلك اقرار عيد وطني للثقافة يكرم فيه رئيس الدولة رجالات الثقافة والفكر والفن واسناد جوائز الدولة التقديرية في عديد المجالات العلمية والادبية والفنية واحداث مدينة الثقافة التي تعد انجاز القرن في تونس وسحب نظام التغطية الاجتماعية والتأمين علي المبدعين والفنانين. الي جانب عديد الاجراءات الاخري التي يحظي بها القطاع الثقافي مثل الرفع في منح الدولة للمبدعين والفنانين في مجالات المسرح والسينما والرفع في حجم مقتنيات الدولة من الاصدارات الادبية الجديدة، واسناد المنح للتشجيع علي الانتاج السينمائي بماساهم في جعل القطاع الثقافي في تونس يشهد انتعاشة كبيرة خلال سنوات التغيير... وها هو الاجراء الجديد المتعلق باقرار سنة 2003 سنة وطنية للكتاب يأتي ليندرج في صلب هذا التوجه لضمان مزيد تطوير العمل الثقافي والفكري في تونس.
وعلي قول احد الصحافيين في ندوة تلفزية انعقدت للغرض احتفاء باقرار السنة الحالية سنة وطنية للكتاب فان صدور كتاب جديد في تونس في فترة الستينيات وفي السبعينيات كان يشكل في حد ذاته حدثا كبيرا نظرا لصعوبة مجالات النشر في ذلك الوقت، اما اليوم فان تونس تشهد سنويا صدور ما لا يقل عن 320 رواية جديدة وحوالي 30 مجموعة قصصية وقرابة 50 مجموعة شعرية بعد ان كانت تمر السنة والسنتان ولا تشهد البلاد غير صدور رواية واحدة لكاتب معروف ومع ذلك فان الكتاب في تونس يعاني من مشكلة كبيرة يجمع عليها كل الاطراف المعنية بمسألة الكتاب وتخص مسألة وصول الكتاب واقبال القاريء التونسي علي المطالعة ويشير كثير من المثقفين والادباء الذين تحدثوا لــ (الزمان) في تصريحات خاصة الي ان مسألة نشر الكتاب شهدت خلال السنوات الاخيرة تطورا كبيرا نتيجة عوامل عدة ومنها اقدام الكتاب والمبدعين علي نشر كتبهم علي حسابهم الخاص في غياب مؤسسة وطنية للنشر وما هو يجعل الكاتب يساهم ماليا في تكاليف اصدار كتابه وبفضل التقنيات العديدة التي اصبحت تتوفر في المطابع فان الكتاب التونسي يعد من ارقي اصناف الكتب في العالم العربي ويري بعض المثقفين ان ثمن الكتاب التونسي ليس باهضا الي الحد الذي يحول دون قراءته والاقبال عليه مقارنة بتكاليف الطباعة .
ويقول الصحفي محمد بن رجب اعتقد ان مسألة غلاء الكتاب التونسي والتحصن بها لتبرير عدم الاقبال علي القراءة مسألة مغلوظة ويضيف ان الرواية التونسية تشهد حاليا ثغرة كبيرة وتصدر في البلاد اليوم ما لا يقل عن عشرين رواية جديدة باللغة العربية سنويا وحوالي عشر روايات جديدة باللغة الفرنسية.. والرواية التونسية اليوم تأتي في طليعة الروايات العربية، وتوفر اليوم جيل مهم من كتاب الرواية ولكن المسألة تكمن في ان القاريء لم يجتهد ويبذل الجهد اللازم لقراءة هذه الاصدارات الجديدة.
ويذهب محمد الباردي وهو استاذ جامعي وروائي الي القول، لا يجحد احد ما عرفته حركة النشر في تونس خلال السنوات الاخيرة من تطور.. ولكن المشكلة ان هذا الكتاب لا يوزع بالطريقة الممكنة في غياب جهاز يتولي مساعدة الكاتب علي عملية التوزيع داخليا وخارجيا ويقول ابراهيم بن سلطان وهو روائي يقطن ويدرس بجهة الرديف في ربوع الجنوب، انا شخصيا اعتمدت علي نفسي في اصدار كتبي وتوزيعها، ساهمت بالمال في نشرها ثم توليت بنفسي الاشراف علي توزيعهما وهو مجهود مضن تتكبده.
ويقول عبد السلام لصيلع، وهو صحفي وشاعر وأصدر ثلاثة دواوين شعرية ويستعد لاصدار ديوانه الرابع مسألة النشر في تونس مازالت مسألة صعبة وانا شخصيا قمت بتضحيات كبيرة من اجل اصدار مجموعاتي الشعرية وتوزيعها وفي الخارج قمت بالتعريف بكتبي واستطعت ان اعرف بكتبي خارج الحدود بمجهودي الخاص.
اما الروائي عبد القادر بلحاج نصر فيقول: ان مسألة النشر في تونس مسألة محفوفة بكثير من الصعوبات، فالكاتب لا يكتفني ببذل مجهود التأليف والكتابة وانما عليه ان يطبع كتابه علي حسابه الخاص ثم يشرف في ما بعد علي عملية التوزيع وبايصال الكتاب الي القاريء، ولي تجارب أليمة مع اصحاب المكتبات.. فقد ظللت أتردد علي احدهم مرات عديدة للمطالبة بحقوقي وفي كل مرة يماطلني الي ان اصابني اليأس فمزقت الوصل امامه وتركته.
ويري مثقفون آخرون ان الكتاب التونسي لا يتوفر في المكتبات التونسية نتيجة عدم تحمس اصحاب هذه المكتبات وخصوصا في ما يتصل بالكتاب الادبي.. لانهم يعتقدون ان الكتاب الادبي لا يقبل عليه الناس . وهم يفضلون ترويج كتب اخري تجد الاقبال من القراء علي نشر الكتاب الادبي.
وفي ظل هذه الصعوبات التي يعانيها الكتاب الادبي في تونس تبقي وزارة الثقافة هي السند الاساسي للمبدعين فهي تقوم باقتناء كميات مهمة من اي اصدار ادبي جديد بما يساهم في استرجاع بعض التكاليف المادية التي يتكبدها الكاتب. كما ان عديد الوزارات الاخري مثل وزارة التعليم ووزارة التربية ومجالس الولايات ومجالس البلديات تقوم بشراء كميات مهمة من الكتب من اصحابها،. وتتوفر بتونس اليوم شبكة مهمة من المكتبات العمومية ومكتبات الاطفال التي ترعاها الدولة وتزودها بالكتب والمراجع والنشريات المختلفة وهو ما يضمن علي الاقل مجالا مهما لنشر الكتاب التونس والتشجيع علي المطالعة المنظمة.
وتقول آخر الارقام انه بفضل انتشار هذه الشبكة الراقية من المكتبات العمومية فانه امكن بلوغ توفير كتاب لكل 5 مواطنين في تونس وهي نسبة هامة.. وينتظر ان يتم تجاوزها خلال هذه السنة بمناسبة اقرار السنة الوطنية للكتاب لان الدولة عازمة علي تشجيع المبدعين والكتاب. وقد بدأت تظهر بعض البوادر المشجعة من ذلك مراجعة نظام التوصية بالنشر.
والترفيع في مقتنيات وزارة الثقافة من الاصدارات الجديدة وتشجيع الكتاب علي اصدار كتبهم الجديدة التي تنتظر النشر.
وتبقي في الاخير مسألة نشر الكتاب الادبي وتوزيعها في تونس مثلما هي في عديد الدول العربية الاخري من المسائل الشائكة التي تتطلب حلولا جذرية .
ويقول احد الروائيين التونسيين مثلما نعرف نحن: حنا مينة، ويونس ادريس، ونجيب محفوظ، وطه حسين، والطيب صالح، ونقبل علي قراء كتبهم، لماذا لا يعرف الآخرون كتابنا نحن امثال المسعدي وبلحاج نصر وابوزيان السعدي والدرغوتي وجميلة الماجري والحبيب بولاعراس، وغيرهم..
AZZAMAN NEWSPAPER --- Issue 1441 --- Date 1/3/2003
جريدة (الزمان) --- العدد 1441 --- التاريخ 2003 - 3 -