مرايا

كبرت الصبية يا أولاد!!
بقلم محمود الحرشاني
هل يوجد أحلى من أن ترى ابناءك يكبرون أمام عينيك انه لا شيء يعادل سعادة الإنسان بنجاح ابنائه وتفوقهم، فيشعر أن نجاحهم هو نجاحه، وأن تعب السنين لم يذهب سدى وان مجهوده قد حقق أكله وأثمر نتائجه التي ينتظرها كل من يبذر بذرا صالحا في أرض خصبة معطاء... وقمة السعادة أن تجد نفسك في لحظة من لحظات العمر التي لا تتكرر، محاطا بمن تحب. الكل يقاسمك الفرحة ويشاركك المتعة بالنجاح ويعيش معك لحظة الانتصار على الصعوبات وتحدي المستحيل، فتشعر ساعتها أنك ولدت من جديد ... والانسان كما قال ذات مرة الأديب عبد القادر بلحا نصر يولد مرتين... مرة عندما يأتي إلى هذه الدنيا، ومرة عندما يشعر انه قدّم عملا صالحا ينتفع به الجميع أو أغلبية الناس، فيلتف حوله الجميع ويحيطونه بالمؤازرة والمساندة... إن النجاح لا يأتي بسهولة، وطريق النجاح ليست دائما طريقا مفروشة بالورد... بل أن النجاح يتطلب الصبر والمعاناة والمكابدة وبذل الجهد والانتصار على المحبطات جميعها والتسلح بعزيمة قوية للتغلب على كل العراقيل وهي كثيرة مع الأسف الشديد خصوصا في عالم الصحافة والفكر.
منذ أيام وفّر لي الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لصدور مجلة مرآة الوسط مناسبة لأقف على ما مدى ما يحيط به أبناء بلدي كل عمل صادق من محبة وتقدير واحترام، لقد شعرت أن الاحتفال لا يهمني وحدي، بل أن تونس بأكملها تحتفل بمرور خمسة وعشرين سنة على تأسيس هذه المجلة، من خلال اهتمام وسائل الإعلام من صحافة مكتوبة واذاعات وتلفزة بالحدث ومن خلال مساهمة عدد كبير من المثقفين واساتذة الجامعة في الاحتفال الذي اقمناه بهذه المناسبة وايضا من خلال إشراف السلطة الجهوية ممثلة في السيد الوالي على الاحتفال... انه شيء رائع أن تجد نفسك محاطا بالناس وبكل هذه الاجهزة يقاسمونك فرحتك بالنجاح ويهنئونك، ومما ضاعف سعادتي حضور عدد كبير من شباب المعاهد الثانوية الاحتفال الذي أقمناه بالمناسبة...
وكنت أتمنى في قرارة نفسي أن أكون قدمت لهم من خلال تجربتي في مرآة الوسط تجربة ناجحة يمكن الاقتداء بها... فيها الصبر والمعاناة والمكابدة الكثير... ونكن أيضا فيها من النجاحات الكثير مما يسعد الإنسان ويكسب حياته معنى... وأي قيمة لحياة لا تخلو من نضال من أجل تحقيق هدف سام... يعيش من أجل تحقيقه الإنسان.
صباح الاحتفال سألني الصديق الحبيب جغام في برنامج ساحة الحرية بالاذاعة الوطنية عن شعوري وأنا أعيش مناسبة الاحتفال باليوبيل الفضي للمجلة قال لي:«لقد كبرت الصبية...» قلت «نعم ... لقد كبرت وأخذت من جمال طبيعة تونس أحلى ما فيها... لقد احلوت البنية وكثرت خطابها يا حبيب!!».

محمود الحرشاني
Mahmoudhor2@yahoo.fr