المنجي الشملي أحد رواد الحداثة والعلم والتنوير
يستقبل مهرجان مرآة الوسط الثقافي والأدبي في دورته العشرين وجها مرموقا وشخصية تونسية فذة، كرّس حياته للعلم والثقافة والانتصار اللغة العربية. فكان بذلك احد رواد الحداثة والعلم والتنوير لا فقط في تونس وإنما في العالم العربي بأسره إنه الأستاذ المنجي الشملي الذي كان من طلائع أساتذة الجامعة التونسية غداة تأسيسها، أحبه طلبته واحترمه زملاؤه وقدّره عامة الناس لغزارة علمه وفصاحه لسانه وشجاعته وإخلاصه لرسالة المربي والمثقف في المجتمع.
تتلمذت على يده أجيال تتلو أجيال، وتسابق الطلاب لحضور دروسه ومن لم يدرس على يديه في رحاب الجامعة أحب ما كان ولا يزال ينتجه ويقدمه من برامج إذاعية في الإذاعة التونسية تعنى بالثقافة والأدب، وخاصة برنامجه الشهير «مع الأدباء الناشئين» صحبة السيدة هندة عزوز سابقا وحاليا صحبة الإذاعية صاحبة الصوت الشجي في الإذاعة السيدة مفيدة الزهاق. واشتهرت مع السيدتين عبارته الشهيرة التي كان يبدأ بها التعليق على إنتاج المراسلين «سيدة هندة» مع السيدة هندة عزوز و«سيدة مفيدة» مع السيدة مفيدة الزهاق حتى أصبحت العبارتان من مقدمات جمالية الحصة.
وفي الجامعة كانت له ولا تزال صولات وجولات وهو أستاذ الأدب المقارن، ينتصر للعربية ولا يتكلم إلا بها، بصوت هادئ يقارب الهمس أو الهمس ذاته، وقد تزعجه فاصلة وضعت في غير مكانها وهو القائل... «عندما لا أضع فاصلة في غير مكانها لا أبات ليلتي !!... وهو الفصيح البليغ الذي لا يخفي اعجابه بعميد الأدب العربي طه حسين، وكيف لا يعجب به وهو صاحب القولة الشهيرة «اللغة العربية ملك لنا، ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها ولنا أن نظيف إليها ما استطعنا من التراكيب والألفاظ».
هو عضو مجلس العلماء أو مجلس علماء العالم الذي شكلته اليونسكو تقديرا لغزارة علمه وتضلعه في اللغة العربية، ولا يمنعه ذلك من أن يتواضع ليشجع هذا الأديب الناشئ أو ذاك، أو ليثني على تدخل احد المشاركين في ندوة أعجبه كلامه أو طريقة نطقه للعربية... وهو صاحب التآليف العديدة وهو كذلك المناضل السياسي في رابطة حقوق الإنسان عندما تأسست، وهو المثقف والجامعي المؤمن برسالة الصحافة في المجتمع فأسس مجلة التجديد وكابد في سبيلها الصعوبات لأنها كانت صوتا غير مألوف في زمانها فتصدى لها القامعون ولكن صلته بالصحافة لم تنقطع.
لقد هاتفته ذات ليلة منذ أسبوعين وطلبت منه أن يكون ضيف شرف مهرجان مرآة الوسط، وبلا تردد قبل الدعوة مع شرط أن يكون ضيفا عاديا كبقية ضيوف المهرجان...
يحضر معنا اليوم الأستاذ المنجي الشملي ليجد هذا الجمع الطيب من أبناءه وطلابه بالأمس في انتظاره لحضور مجلسه... وهو يزور سيدي بوزيد لأول مرة. وتبلغ السعادة عندي منتهاها أن أكون الواسطة في تحقيق هذه الزيارة الحدث.
وإذا كان للمدن أن تفخر بضيوفها وتسجل تواريخ زياراتهم لها، فحق لسيدي بوزيد أن تفخر اليوم بزيارة المنجي الشملي وتسجل تاريخ زيارته لها.لأجل كل هذا تمتزج عندي مشاعر السعادة بمشاعر الفخر ونحن نستقبل هذا المساء على وقع زخات المطر مطر الربيع الذي نحمله على أكفنا الأستاذ المنجي الشملي الوجه الثقافي المرموق، نستقبله ضيفا مبجلا ونسعد بإسناده الدرع التذكاري من الصنف الممتاز لأصدقاء مرآة الوسط.
نص الكلمة التي ألقيت في افتتاح أشغال المجلس الأدبي لتكريم المنجي الشملي
في الدورة العشرين لمهرجان مرآة الوسط بسيدي بوزيد