[color=violet]كان من بواعث السعادة عندي، أن قرأت في قائمة المربين الافاضل ورجال التعليم الاجلاء الذين أكرمهم سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة الاحتفال بيوم العلم الأخير بمنحهم الوسام الوطني للإستحقاق في قطاع التربية اسم مربية فاضلة وأستاذة من اساتذتي الاجلاء الذين درسوني في مرحلة التعليم الثانوي بمعهد حي الشاباب بقفصة وهي الاستاذة نجاة مامي بوشيبة ففرحت بذلك كثيرا، وبادرت بتوجيه رسالة لتهنئتها بهذا التوسيم، رغم أن اخبارها انقطعت عني منذ سنوات. ولكن الذاكرة تحتفظ بما كان لهذه المربية من عزم وحزم، فقد درستني مادة العربية وحبّبت إلينا هذه المادة بما كانت تبثه فينا من حماس ورغبة في الاقبال على المطالعة والاستفادة منها، ورعت أولى تجاربنا في الكتابة معها اكتشفنا متعة الأيام لطه حسين وسبعون لميخائيل نعيمة ورمل وزبد لجبران خليل جبران، وأغاني الحياة للشابي، والمنبت لعبد المجيد عطية وحليمة للعروسي المطوي وغيرها من الكتب التي كنا نبحث عنها في المكتبات.
وكانت طريقة تدريسها محبّـبة إلينا، ترغب في المتابعة والاستفادة إلى أقصى الحدود وعندما قرأت اسمها في قائمة الموسمين اسعدني ذلك كثيرا، ورغم انني اعتقد أنها لم تعد تتذكرني فقد مرت سنوات طويلة... فإنني من منطلق الوفاء والاعتراف بالجميل، حرصت على تهنئتها. ولا اعتقد أن هناك شيئا يسعد قلب الأستاذ أو المربي مثلما يسعده أن يقول له احد تلاميذه، بعد سنوات طويلة كلمة حق ويعترف له بالفضل في تعليمه وتكوينيه والأخذ بيده ليشق طريقه بنجاح إن قيمة الوفاء والاعتراف بالجميل لمن علمونا ولمن ساعدونا واخذوا بأيدينا في مراحل معينة من اعمارنا ورعوا تجاربنا وخطواتنا الأولى قيمة أخلاقية وانسانية لابد أن تعمل على ترسيخها في علاقاتنا الاجتماعية... وهي قيمة تدل على نبل صاحبها وقوة شخصيته وليس ضعفها كما يعتقد البعض.
وفي رحلة الحياة، يلتقي الإنسان باشخاص كثيرين يحتك بهم، وطبيعة الحياة والمعاملات، تجعله على علاقة متينة بهم، وأكيد انه يأخذ منهم ما استطاع... ولكن مع الاسف، هناك البعض من الناس يتنكرون لمن يساعدهم وأخذوا بأيديهم وصاحب الشخصية المتوازنة والسليمة، هو الذي لا يجد في نفسه حرجا، ليعترف بالفضل والجميل لمن يساعده على شق الطريق.
وأنا شخصيا لا اجد في نفسي حرجا لاعترف بالفضل لذويه ولكل من ساعدني واخذ بيدي سواء في مرحلة الدراسة أو في مرحلة العمل بعد ذلك في عديد المجالات... وهم كثرة والحمد لله، ولا يمكن لي أن اسميهم جميعا... ولهم جميعا دين في رقبتي احاول أن أوفي به كلما توفرت الفرصة، ولعلي هنا، مادمت اتحدث عن الاستاذة نجاة مامي، أستاذتي في مادة العربية في السنة الثانية من التعليم الثانوي في مرحلة السبعينات... لا اغادر عائلتها كثيرا، عندما اذكر فضل والدها المرحوم عبد القادر مامي علي وقد كان معلمي في السنة الأولى من التعليم الابتدائي سنة 1964 بالمكتب الكبير بقفصة اذكره واذكر ملامحه، رغم مضي السنوات الطويلة...
كنا تلامذة صغار، رافقني عمي في أول يوم دراسي إلى المدرسةـ، أدخلني إلى القسم، وتلقفنا المرحوم عبد القادر مامي بكل حنان... ومرت الأيام، لالتقي مجددا بابنته السيدة نجاة مامي في مرحلة التعليم الثانوي مرة أخرى، ألف مبروك للسيدة نجاة مامي وفي شخصها احيي كافة اساتذتي ومعلمي ونحن نقبل على سنة دراسية جديدة نتمنى أن تكون موفقة ويحالف فيها النجاح الجميع...
بصدق
.. الاسوياء هم الذين لا يجدون حرجا في الاعتراف بالفضل ورد الجميل لمن ساعدوهم وأخذوا بايديهم.[/color]